البنوك العالمية تحقق أرباحاً قياسية من تداول العملة الروسية رغم الأزمات
روسيا: فرار عملاء "وول ستريت" يجنّب المؤسسات المالية ثروة هائلة من الروبل
تزداد الضغوط على بنوك "وول ستريت" مع تنامي توتر العلاقات الدولية بسبب الغزو الأوكراني وفرض العقوبات على روسيا. وفي ظل هذا السيناريو، يتجه المستثمرون الروس بسرعة نحو التحوط والتخارج من البلاد، ما يفاقم أزمة العملة الروسية ويؤدي إلى انخفاض حاد في قيمتها.
وبينما يتجه الأفراد والشركات للبحث عن وسائل لتحويل روبلاتهم إلى عملات أخرى مستقرة، تلقت بنوك "وول ستريت" ضربة قوية في إيرادات التداول. فقد استفادت هذه المؤسسات المالية العملاقة بشكل كبير من تدفق غير مسبوق للأموال الروسية عبر جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، حيث كانت تداولات الروبل محل رواج.
كشفت مصادر مطلعة عن أن بعض المؤسسات المالية الكبرى، مثل "غولدمان ساكس" و"سيتي غروب" و"جيه بي مورغان تشيس"، استفادت بشكل كبير من هذا التدفق النقدي. وقد استغلت هذه البنوك الفرصة لشراء الدولارات بأسعار منخفضة من متداولي الروبل، ثم بيعها بسعر مرتفع للعملاء الروس الهاربين، مما أدى إلى حصولها على أرباح ضخمة دون تعريضها للعقوبات.
مع تصاعد التوترات الدولية وفرار العملاء الروس من السوق، باتت هذه الفرصة الذهبية قد انقضت، واستبدال الروبل بالدولار أصبح أمراً صعباً للغاية. يتعين على المؤسسات المالية في "وول ستريت" التكيف مع الظروف الجديدة والبحث عن فرص جديدة لتحقيق الربح وتفادي المخاطر في ظل التغيرات الاقتصادية والسياسية المستمرة.
في النهاية، تكشف هذه الأحداث المالية الأخيرة عن حساسية سوق المال وتأثره بالتغيرات الجيوسياسية العالمية، وتذكر المستثمرين بأهمية التنويع واتخاذ الحيطة والحذر في الاستثمارات المالية.
المصدر الذي نقل هذه المعلومات
المصدر الذي نقل هذه المعلومات يبدو أنه مصدر خفي، ولم يتم الكشف عن هوية هذه الأشخاص الذين قاموا بتقديم هذه المعلومات. ويبدو أنهم يعملون في قطاع التجارة والتداول في "وول ستريت"، وهم قد كشفوا عن تفاصيل حول الاستراتيجيات التي اتبعتها بعض الشركات المالية للاستفادة من التدفق النقدي الروسي.
تم الكشف عن استخدام شركات في "وول ستريت" لجهات إقراض في بعض الدول التي تحظى بعلاقات جيدة مع روسيا وغير معرضة للعقوبات الأمريكية. تمكنت هذه الجهات من شراء الدولارات بسعر محلي من البنوك الروسية بسعر أقل مما يتم عرضه في السوق الدولية. هذه الصفقات ساعدت في تحويل بعض مكاتب التداول الصغيرة في "وول ستريت" إلى آلات لسك العملة، وأدت إلى زيادة إيرادات التداول.
يبدو أن شركات مثل "غولدمان ساكس" و"سيتي غروب" و"جيه بي مورغان" استفادت بشكل كبير من هذه الصفقات، وقد حصلت على مئات الملايين من الدولارات كأرباح من تجارة الروبل في الفترة الزمنية الماضية.
ومن الملاحظ أن الأشخاص الذين قدموا هذه المعلومات يرغبون في البقاء مجهولين حتى لا يتعرضوا لعواقب قانونية أو عدم التواطؤ مع التفاصيل المذكورة. قد تكون هذه الممارسات الاستفادة من الأزمات والتوترات الجيوسياسية موضوعة تحت المراقبة وتحت قوانين مالية صارمة.
تواصل التداولات المالية
تواصل التداولات المالية بين البنوك العالمية ونظرائها الكازاخيين والأرمن، وقد حققت أكبر البنوك في العالم أرباحاً ضخمة قدرت بـ 6 مليارات دولار عام الماضي من تداول العملة الروسية، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف ما تحققه عموماً من أعمال التداولات.
بيانات من "فالي أناليتيكس" تظهر أن الصفقات العملة ساهمت في مساعدة عملاء البنوك على الامتثال للقواعد الجديدة والتخارج من الحيازات التي تنطوي على مشاكل، مما أدى إلى زيادة النشاط والتداولات المالية.
على الرغم من الأزمات الجيوسياسية والسياسات الاقتصادية المحيطة، لم تتعرض البنوك لاتهامات بارتكاب مخالفات في التداولات ولم تنتهك العقوبات الدولية. وقد أكد المطلعون أن العلاقات المالية بين البنوك الأميركية ونظرائها في كازاخستان وأرمينيا تعود لفترة طويلة، وقد تحولت إلى شراكات مهمة وتداولات كبيرة بعد الأحداث الجيوسياسية الأخيرة.
وعلى الرغم من أن بعض الصفقات كانت أقل ربحية، إلا أن البنوك استفادت من ارتفاع النشاط الذي أدى لتدفق عملاء فارين من روسيا، مما ساهم في تحقيق أرباح قياسية. وتأتي هذه الأرباح في ظل التحديات التي واجهتها البنوك عند نقل الموظفين من روسيا وتوقف العمليات في البلاد.
مع ذلك، فإن ممثلي البنوك العالمية رفضوا التعليق على الأمر وأمثلة عنها "غولدمان ساكس" و"سيتي غروب" و"جيه بي مورغان". ومن الملاحظ أن التداولات مستمرة ولا تزال الأرباح الكبيرة تحققها البنوك من هذا النشاط التجاري المربح.
البنوك تتجنب المخاطرة وتتجه للابتعاد عن تداول العملة الروسية
ذكرت مصادر مطلعة أن بعض البنوك المنافسة في "وول ستريت" قد أُصابت بالفزع من المخاطر المرتبطة بتداول العملة الروسية، مما دفعها للابتعاد عن هذه التجارة.
بنك أوف أميركا، بناءً على تعليمات صادرة من الرئيس التنفيذي برايان موينيهان ونوابه، قام متداولوه بتجنب تداول المراجحة بالروبل لتجنب أي معاملات تؤدي إلى العودة إلى روسيا، وذلك وفقًا للمصادر. وفي بنك "يو بي إس غروب"، يخشى مسؤولو الامتثال أن تُصنف بعض هذه الصفقات على أنها تفاف على العقوبات، مما يمنع المتداولين في البنك السويسري من القيام بهذه العمليات.
بالإضافة إلى ذلك، لم يشارك بنك "إتش إس بي سي هولدينغز"، وهو أحد أكبر اللاعبين في أسواق العملات، في هذه الصفقات أيضًا.
على الرغم من ذلك، فإن المتحدثين باسم هذه البنوك رفضوا التعليق على الأمر، وأيضًا مسؤولون في وزارة الخزانة الأميركية رفضوا التعليق على المعاملات المتعلقة بهذه التداولات.
يبدو أن هذا التحرك يعكس قلق البنوك حيال التداعيات المحتملة لتداول العملة الروسية في ظل الظروف الجيوسياسية والعقوبات الدولية المتعلقة بروسيا وقد يؤثر على تجارتها في هذا السياق.
تداولات داخلية وخارجية للروبل: تحدِّيات وفرص في ظل العقوبات
على مدى عقود، اعتادت البنوك والمستثمرون التداول بين الروبل والدولار عبر بورصة موسكو فيما يُعرف بالسوق الداخلية، وكذلك في السوق الخارجية عن طريق الصفقات التي تتم ترتيبها عبر البنوك. لم تكن هناك اختلافات كبيرة في الأسعار حتى وقوع الغزو العام الماضي، الذي صدم المستثمرين وأدى إلى فرض موجة من العقوبات من الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
ردًا على العقوبات، قامت إدارة الرئيس فلاديمير بوتين بفرض قيود على حركة رأس المال، مثل إجبار المصدّرين في روسيا على بيع عملاتهم الأجنبية، مما أدى إلى انقسام حاد في أسعار العملات المحلية والأجنبية.
تجنّب متداولو "وول ستريت" التداول المباشر مع البنوك الروسية بسبب العقوبات، ولكن للبنوك في دول مثل كازاخستان وأرمينيا، التي تحافظ على علاقات وثيقة مع روسيا، كانت القيود أقل صرامة. وقد قال المطلعون إنه بدفع رسوم، يمكن للبنوك في تلك الدول العمل كوسطاء وشراء الدولارات بتكلفة رخيصة في موسكو، ثم شحنها إلى مكاتبهم التجارية في لندن أو نيويورك.
بالرغم من توجيه العقوبات الدولية، قد تظهر دول مثل كازاخستان وأرمينيا استعدادًا للاستفادة من الفرص التجارية الناشئة في ظل هذه الأزمة. حيث لم تفرض هذه الدول أي عقوبات على روسيا، وبالتالي، ترى في هذه الفرص فرصة للتجارة بشكل منخفض المخاطر. وبشرط عدم وجود تهديدات مستقبلية لفرض عقوبات ثانوية، قد تكون هذه الدول محتملة الاستفادة من الأوضاع الحالية وتواصل التداولات بصورة مربحة.
زخم العملاء يدفع تجار "وول ستريت" للاستفادة من تحولات أسعار الأصول
تشهد البنوك والتجار في "وول ستريت" زخمًا كبيرًا في تداول الروبل الروسي، حيث يتم استغلال التحولات المفاجئة في أسعار الأصول التي يمكن أن تنجم عن التقلبات الجيوسياسية. على الرغم من العقوبات الدولية المفروضة على روسيا، إلا أن هناك طلبًا قويًا من العملاء الراغبين في الاستفادة من هذه التجارة.
شركات التجارة العملات في دول مثل كازاخستان وأرمينيا، التي لم تفرض عقوبات على روسيا، تلقت فرصًا للعمل كوسطاء بين روسيا والبنوك العالمية. يتمثل الهدف في شراء الروبل بسعر منخفض في روسيا وبيعه بسعر مرتفع في الأسواق الخارجية، مما يتيح الفرصة لتحقيق أرباح سريعة.
على الرغم من اقتراب الأسعار المحلية والخارجية في وقت لاحق من العام الماضي، فإن هناك فجوة تظل كبيرة بما يكفي لتشجيع التجار على الاستمرار في الاستفادة من هذه الفرص.
يُعد التداول بالروبل فرصة مستمرة لبنوك "وول ستريت"، حتى في ظل التحولات الأخيرة في أسعار العملة. يتم تداول الروبل عند سعر حوالي 92.4 روبل للدولار في التداولات الخارجية والمحلية.
من الجدير بالذكر أن هناك قوانين وأنظمة معقدة للعقوبات في مختلف الولايات القضائية، وتأتي تلك الاحتياطات لتجنب انتهاك العقوبات الدولية. وفي ظل هذه الظروف، يجب أن يلتزم التجار بقوانين العقوبات لتجنب المخاطر القانونية المحتملة.
أول خطوة في تجارة المراجحة شملت بنوك روسية ونمساوية
وفقًا للمصادر، شملت المرحلة الأولى من تجارة المراجحة بنوكًا روسية ونمساوية. من بين البنوك الروسية، شارك في هذه التجارة بنك "غازبروم بنك"، وهو جزء من مجموعة غازبروم الروسية، والتي تم فرض عقوبات عليها من قِبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية في العام الماضي. كما شارك أيضًا بنك "إيه كيه بارز"، وهو بنك إقليمي كبير يتمتع بحضور في منطقة تتارستان الروسية الغنية بالنفط.
ومن بين البنوك النمساوية، كان "رايفايزن بنك إنترناشونال" نشيطًا في تداول العملات بشكل عام، بما في ذلك الروبل، وقد أشار البنك إلى دخل "مرتفع بشكل غير عادي" من تجارة العملات خلال أغسطس من العام الماضي. يتعامل البنك مع جزء كبير من جميع معاملات اليورو والدولار داخل وخارج المنطقة.
من جهتهم، رفضت "غازبروم بنك" و "إيه كيه بارز" التعليق على المسألة. وأكد متحدث باسم "رايفايزن" أن البنك مستمر في جهود تقليص عملياته في روسيا، ورفض الإدلاء بمزيد من التعليقات.
دور الوسطاء، وبالتحديد البنوك الكازاخستانية والأرمينية
فقد كان الدور حاسمًا في تجارة المراجحة وتحقيق الأرباح من تقلبات سعر الروبل الروسي.
بنك "هاليك"، الذي يملكه ابنة الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف وزوجها، حقق أرباحًا هائلة قدرها 390 مليون دولار من تداول العملات (الفوركس) في عام 2022، متجاوزًا مجموع الأرباح التي حققها خلال الأربع سنوات السابقة مجتمعة.
كما أظهرت الإيداعات أن بنك "جوسان" سجل أرباحًا تقدر بحوالي 49 مليار تنغي بزيادة سنوية تزيد عن 290%. وعلى الرغم من تغيير ملكية البنك بعد معركة قانونية، إلا أنه لا يزال يلعب دور الوسيط في تجارة المراجحة ويحقق أرباحًا مذهلة.
من جهة أخرى، تضاعفت أعمال التجارة بالعملة لدى الشركة المصرفية التابعة لـ"كاسبي"، وهي شركة تكنولوجيا مالية ضخمة تملكها المليارديرين فياتشيسلاف كيم وميخائيل لومتادزي، حيث حققت دخلاً بقيمة 36 مليار تنغي.
يجدر بالذكر أن "كاسبي" أوضحت أنها تخدم التجار المحليين والمستهلكين بالتجزئة في سياق الأعمال المعتاد، وتمثل تجارة العملات جزءًا صغيرًا من إجمالي الإيرادات. تُقدر إيرادات الصفقات التي تضم الدولار والروبل في عام 2022 بنحو 8 ملايين دولار، أو ما يعادل 0.4% من إجمالي الإيرادات.
الروس قاموا بتحويل حوالي 43 مليار دولار
تُظهر التقارير أن الروس قاموا بتحويل حوالي 43 مليار دولار من مدخراتهم إلى الخارج منذ العام الماضي، وأن هذه التحويلات شملت فتح حسابات مصرفية في دول مجاورة مثل كازاخستان وأرمينيا وجورجيا وأذربيجان. وتشير المصادر إلى أن تجارة المراجحة بالروبل لعبت دورًا مهمًا في هذه العمليات.
في أرمينيا، تضاعفت أرباح معاملات العملات الأجنبية الفورية عبر بنك "أميريا بنك" بأكثر من خمسة أضعاف لتصل إلى 109 ملايين دولار في عام 2022. ويملك روبن فاردانيان هذا البنك، الذي كان في يوم من الأيام شخصية بارزة في المشهد المالي بموسكو.
وتُظهر التقارير أن مكاسب العملات الأجنبية من معاملات المراجحة بين الدولار الأمريكي والروبل الروسي شكلت جزءًا متواضعًا من دخل معاملات العملات الأجنبية لـ"أميريا بنك" في عام 2022، وأجريت معظم المراجحات مع المؤسسات الغربية في العملتين.
تُعد مراجحة العملات شائعة في الظروف التي تفرض فيها الدول قيودًا على الصرف الأجنبي، وعلى الرغم من ذلك، فإن المراجحة بالروبل في "وول ستريت" تبدو غير اعتيادية وغير مألوفة. يبدو أن هذا النمط من التداول أدى إلى استفادة العديد من البنوك والتجار من التقلبات في أسعار الروبل وتحقيق أرباح جيدة من التجارة.