شركة انتل تخوض رهانًا غير متوقعًا في سباق تطوير الذكاء الاصطناعي

شركة انتل تخوض رهانًا غير متوقعًا في سباق تطوير الذكاء الاصطناعي لتطوير التكنولوجيا اللازمة لمعالجة أعباء الذكاء الاصطناعي المتزايدة، وهذا الرهان يأخذ شكلًا غير تقليدي حيث يعتمد على استخدام مادة غير تقليدية في صناعة الحواسيب، وهذه المادة هي الزجاج.
مع زيادة حجم وتعقيد المعالجات، بدأت قدرتها على التواصل مع باقي أجزاء الحاسوب تمثل تحديًا كبيرًا. لهذا السبب، تعتقد شركة "إنتل" أن الحل يمكن أن يكون في استخدام الزجاج كجزء أساسي في تصميم الحواسيب. فالقواعد المصنوعة من الزجاج، والتي توضع بين المعالج والأجزاء الأخرى المتصلة به، يمكن أن تساعد في تجاوز هذه المشكلة بفعالية.
هذا الخطوة تعد بالنسبة لشركة "إنتل"، التي تعتبر من أبرز منافسي شركة إنفيديا في مجال تكنولوجيا الرقائق، فرصة للتأكيد على تفوقها في مجال الابتكار وتلبية احتياجات عالم الذكاء الاصطناعي وجذب عملاء جدد في الوقت نفسه. تمثل هذه الخطوة زيادة كبيرة في الإنفاق على البحث والتطوير، حيث بلغت 18 مليار دولار سنوياً، وهو مبلغ أعلى بكثير من منافسيها.
مبادرة استخدام الزجاج في "إنتل" نشأت من قسمي البحث والتطوير للتغليف والإنتاج، وهما جزء من مجموعة شركات التكنولوجيا التابعة لـ "إنتل". تهدف الشركة، التي يقع مقرها في سانتا كلارا، كاليفورنيا، إلى تعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في صناعة التكنولوجيا من خلال جذب المزيد من العملاء إلى أنشطتها في مجال التصنيع.
منذ تأسيس "إنتل" في أواخر الستينيات، كان التركيز الرئيسي لمصانعها على إنتاج تصميماتها بشكل حصري. ولكن في الفترة الحالية، تتجه شركة صنع الرقائق نحو زيادة نشاطها في مجال صناعة الرقائق لصالح عملاء خارجيين. وهذا يعد إعادة هيكلة كبيرة لشركة "إنتل"، التي تمتد تاريخها لمدة 55 عامًا.
الرئيس التنفيذي لشركة "إنتل"، بات غلسينغر، يتحدث بشكل متزايد عن إمكانات الشركة في مجال التغليف والتكنولوجيا المحيطة بالرقائق. ويؤكد أن الشركة قد حققت تقدمًا في جذب عملاء في هذا المجال، حتى إذا كان المشترون يحصلون على رقائق من صنع شركات أخرى.
تُعَد مجالات التغليف والتكنولوجيا المحيطة بالرقائق خيارًا استراتيجيًا لجذب العملاء، الذين قد يأتون إلى "إنتل" لتلبية مجموعة متنوعة من احتياجات صناعة الرقائق. إنها خطوة ذات مخاطر عالية، حيث تستثمر الشركة مليارات الدولارات في بناء منشآت جديدة حول العالم، على أمل استمرار نجاحها وتحقيق أرباح من خلال خدمة عملاء خارجيين.
غلسينغر، الذي سيترأس مؤتمر "إنتل" السنوي للتكنولوجيا في وقت لاحق من هذا الأسبوع، يسعى أيضًا إلى استعادة الفكرة القائلة بأن "إنتل" لا تزال قادرة على تحديد مسار صناعة الرقائق الإلكترونية التي تمثل سوقًا بقيمة 580 مليار دولار.
ما يمكن حله بواسطة الزجاج
مع مبادرة استخدام الزجاج في "إنتل"، تهدف الشركة إلى أن تكون الأولى التي تستخدم تجاريًا التكنولوجيا التي كانت تعتبر أمرًا بحثيًا لسنوات. وتتوقع شركة صانع الرقائق الإلكترونية تراجع أداء التقنيات الحالية في النصف الثاني من العقد الجاري، مما يجعل الحاجة إلى حلول جديدة ضرورية.
الخطوط المعدنية الدقيقة التي تنقل البيانات والكهرباء بين مليارات نقاط الترانزستور الموجودة على الرقاقة وبقية أجزاء الحاسوب يجب أن تمر داخل غلاف يحمي السيليكون. وخلال العقود القليلة الماضية، تم تصنيع هذا الغلاف من خليط من الألياف الزجاجية والإيبوكسي، وهي مواد رخيصة نسبيًا وأصبحت الاختيار القياسي في هذه الصناعة.
لكن مع تزايد عدد نقاط الترانزستور والطلب المتزايد على برامج الذكاء الاصطناعي، كشفت طبقة التغليف عن عدة مشاكل. يجب تأمين المكونات الإلكترونية الدقيقة بقوة تفوق وزن شخص ضخم، وإلا لن تتم مراقبة مناطق الاتصال الكهربائي بشكل صحيح.
زيادة عدد ثقوب التغليف المرن يؤدي إلى التفاف، مما قد يتسبب في فقدان التلامس في بعض الأجزاء، ومزيج الإيبوكسي والألياف الزجاجية يقلل أيضًا من عدد خطوط نقل الطاقة والبيانات التي يمكن الاستغناء عنها.
تقول "إنتل" إن الزجاج يمكن أن يحل هذه المشكلتين. فالزجاج لا يلتف، وبنيته يمكن أن تدعم مسارات أكثر دقة لنقل البيانات. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الزجاج يتشاطر الخواص الكيميائية مع السيليكون، مما يعني أنه يمكن أن يتمدد وينكمش بنفس معدل الحرارة في درجات الحرارة المرتفعة.
ولكن الأمر لم ينته بعد. يجب على "إنتل" الآن العمل على الحصول على إمدادات متوفرة بتكلفة مناسبة للزجاج، ويحتاج الباحثون إلى تطوير تقنيات جديدة للتعامل مع خصائص الزجاج، بما في ذلك قابليته للكسر.
تعمل حوالي 4200 موظف في "إنتل" على تقنيات التغليف، وتعتبر هذه الجهود جزءًا من سلسلة من التحسينات التي تجريها الشركة في منشآتها في شاندلر، أريزونا. إنها خطوة طموحة من "إنتل" للتفوق في سوق الرقائق الإلكترونية والمساهمة في تقنيات تشكيل مستقبل الحواسيب والتكنولوجيا.